ليس هناك من المبالغة في شيء أن الأمية حصلت على تأشيرة هجرة الى غير رجعة من الكفرون منذ العقود الأخيرة للقرن التاسع عشر وإن كان التعليم في شكله الأول الذي اقتصر على تعلم القراءة وأصول الحساب وكان للكنيسة والكتاب الفضل الاول في ذلك. ثم قامت المدرسة بوضع أساسها في الكفرون بعد إصدار قانون همايون ومساواة جميع السكان وافتتاح الجمعية الامبراطورية الروسية للمدرسة في سنة 1886م وكان التعليم فيها متطوراً حيث تشمل بالاضافة للقراءة والحساب تعلم أصول القواعد واللغة مختلفاً وتأمينه مجانياً من حيث الكتب واللوازم المدرسية بالكامل وكان التلاميذ يتناولون وجبة طعام في المدرسة واللباس المميز للتلاميذ على حساب المدرسة وعندما ينهي التلميذ المرحلة الأولى من التعلم وكان في قدرة الأهل تأمين متابعته للدراسة يرسل الى الناصرة في فلسطين للدراسة المتوسطة ثم السيمينار.
ولما نشبت الحرب العالمية الأولى أصيب التعليم بنكسة وأغلقت المدرسة ومضى الأطفال كل في سبيله ولما انتصرت الحرية وهي المنتصرة دوماً افتتحت في القرية أولى المدارس الإبتدائية الوطنية وكان التعليم مجانياً ثم تلتها مدرسة خاصة أخرى بعد فترة من الزمن وكانت التلميذات يتعلمن بالمدرسة في القرية وفي الدير المجاور بقرية كفرون سعادة. ثم رحل الاحتلال الى غير رجعة وتطور التعليم حثيثاً إلى ما هو عليه الآن.
وتخرج من الكفرون أطباء ودكاترة في العلوم والهندسة معروفون في العالم فمنهم أساتذة في جامعات البلد ولبنان والولايات المتحدة وأوروبا وهم معروفون وكان من أبنائها كبار القضاة حتى في المجلس التشريعي الأعلى وكبار الضباط الذين قادوا صنوفاً في القوات المسلحة. ومن أبنائها الشعراء والمعلمين الذين تركوا بصمات جهودهم على الأجيال الكفرونية اللاحقة. وليس في الكفرون أمي أو أمية واحدة بمعنى الأمية الشامل.
بقلم العميد الركن توفيق فائق نصار