عرف الكفارنة الصناعة بشكلها الأولي الذي يقوم على الصناعة الزراعية بحكم كونها قرية زراعية اقتصادها الأساسي إلى حد قريب كان اقتصاداً عينياً يقوم على تبادل الإنتاج الزراعي بالإنتاج البضائعي وأهم صناعاتها التي كانت مزدهرة فيها بشكل خاص للإكتفاء الذاتي هي الحياكة لصناعة بعض أنواع اللباس من المنتج المحلي من الشعر (من الماعز) والكتان الذي لاتزال بقاياه تنبت على ضفاف الأنهار والسواقي والصوف المستورد.
ثم صناعة الرغيف ومشتقاته من الحبوب المنتجة محلياً والمشتراة من الخارج وكان في القرية عدة مطاحن عامرة تعمل بشكل دائم على الماء كطاحون الجيس والمخاضة وأبو دره وغيرها ومطحنة واحدة فصلية تعمل على الماء من نهر نبع الشير وهي طاحون أبو نقولا. ثم انقرضت جميعها نظراً لتأمين الرغيف للجميع من قبل الدولة والمشتقات الأخرى كالبرغل وغيره يتم أمينها بالشراء.
وصناعة الزيت من الزيتون وصناعة الكرمة كالدبس والملبن والنبيذ والعرق للإكتفاء الذاتي والتجارة أحياناً قليلة.
ثم الصناعة التعدينية التقليدية القديمة الوحيدة وهي صناعة مادة الكلس الحي لأغراض عدة نظراً التوفر المواد الأولية اللازمة لتحضيره من الحجارة الكلسية ومواد الحرق وكان في القرية عدة أتونات أشهرها أتون العم فاضل وأتون الصايغ وأتون أبو نصري طبعاً مع حفظ الألقاب وانقرضت هي الأخرى جميعها نظراً للإنقلاب الكبير الذي أحدثه ظهور الإسمنت في صناعة البناء وتغيير أنماطها أيضاً، ثم كانت هناك الصناعات المرافقة دوماً للزراعة كصناعة المحاريث وأدوات الحفر وعزق التربة والسقلية وصناعة النوارج والمناجل للحصاد والدرس وصناعة الحبال للتحميل والمقاود على الدواب.
وبالتالي كان في الكفرون كيران للحدادة يكفيان الكفرون وبعض القرى الأخرى المجاورة. أما النجارة فكانت بسيطة جداً تقتصر على صناعة الأبواب والنوافذ وبعض الأدوات والتجهيزات المنزلية البسيطة.
وكذلك صناعة الأحذية وكان في القرية عدة ورش لصناعة الأحذية عرفت هي بدورها الإنقراض
للأسباب ذاتها التي أصابت الصناعات الأخرى.
ومن الطريف انه لم يكن في الكفرون ولا حتى حلاق واحد كمهنة وهناك خياط واحد وأكثر للنساء نظراً لبساطة اللباس وقلة عدد السكان.
أما الثروة الحيوانية فكانت مزدهرة وعمادها الأساسي تربية الماعز فكان هناك ثلاث رعاة في القرية وهذا مؤشر على ضخامة العدد بالنسبة للسكان ثم يليها تربية الأبقار للأستخدام الزراعي والغذائي كمصدر أساسي للألبان واللحوم وكذلك تربية الطيور من الدجاج والحمام كمصدر للبيض واللحم.
أما صناعة الحرير المشهورة فكانت مزدهرة للغاية في الكفرون وقد بدأت في نهاية القرن التاسع عشر وانقرضت في نهاية الثلث الأول من القرن العشرين وكان معمل الحرير في الكفرون يعيل أكثر من 70 عائلة ما بين حلالة تعمل على الدولاب وحطّاب ووقّاد للمرجل وحمال وحارس... إلخ.
وللأسف الشديد ماتت هذه الزراعة والصناعة الجميلة سريعاً التي كانت العماد الاقتصادي الحاسم للسكان الكفارنة الذين ينتظرونه من عام لعام.
بقلم العميد الركن توفيق فائق نصار